شاعر الهجاء نفعي
اسمه الأصلي هو عمر. ولد في أرضروم. لا يُعرف تاريخ ولادته تماما ولكن يعتقد مؤرخو الأدب أنه ولد في عام ٩٨٠ هجري/ ١٥٧٢ ميلادي .
جده مرزى علي باشا و والده محمد أفندي.
انتمى نفعي إلى عائلة عريقة. جده و والده كانا جنديين في الجيش أثناء طفولة نفعي. بعد ذلك والده محمد أفندي عُيّن في القريم وزيرالسلطان القريم. وكان هذا سبب فراقه عن ابنه طوال سنوات عديدة. يدّعي نفعي أن طفولته كانت مصيبة كبيرة لنفسه. كان غاضبا من والده حتى سنواته الأخيرة قبل وفاته .
ويقول الأدباء أن نفعي بدأ لأول مرة بهجاء والده لأنه تركه عندما كان رضيعا فذهب ولم يعدْ. و غضبه من والده شكل مزاجه و شخصيته وأصبح آلة النقد ،من صغره بدأ يراقب الناس و يبحث عن أخطاءهم ويفضحهم أمام الجميع. اكتشف غاية حياته و كان سعيدا بعمله الجديد. ما نعرف عنه من ولادة نفعي و شبابه محدد بهذه المعلومات. لا يوجد هناك معلومات أخرى. لكن من الواضح أنه تعلم العربية والفارسية ونشأ في أيدي علماء ذوي خبرة عالية. واهتمامه الخاص بالأدب الفارسي ، جعله يتوجه الى أدب الديوان وقد بدأ بكتابة الشعر في شبابه.
علي باشا الذي كان يعمل دفتردارا في أرضروم كشف موهبته و أراده أن يتعلم فن الشعر بجانبه. هكذا بدأت مسيرته الأدبية بالنضج وأصبح بارعًا في الشعر عند علي باشا. ويقال أن نفعي أخذ اسمه المستعار "نفعي" بواسطته أيضًا. في البداية كان يستخدم اسم “مضر". وعلي باشا غيره لاسم "نفعي".
ليس من المعروف متى جاء نفعي إلى اسطنبول و لأي سبب. لكن وصوله إلى اسطنبول يتزامن مع تبوّأ أحمد الأول للعرش . بقي هناك حتى وفاته و هذا يعني تقريبا ثلاثين سنة. وكتب قصائد متنوعة وقدم بعضا منها للسلطان أحمد. أُعجِب السلطان بقصائد نفعي كثيرا و أرسله الى أدرنة لإجازة قصيرة. قدم نفعي ٨ قصائد للسلطان أحمد و أعرب عن امتنانه له في كل فرصة وهكذا اشتهر نفعي ونشر اسمه في مختلف أنحاء اسطنبول. بعد ذلك وسّع شهرته بكتابة المدائح لشخصيات بارزة في أركان الدولة مثل مراد باشا، نصوح باشا، محمد باشا و خليل باشا.
شهد نفعي سلطنة ٤ سلاطين. فقد تم مدحه من أولئك السلاطين خاصة من قبل السلطان أحمد ومراد الرابع. وصل الى قمة شهرته في عصر مراد الرابع. السلطان مراد كان خشنا وقاسيا مثل نفعي. ونفعي حسّن علاقاته مع السلطان و قدم ١٢ قصيدة له. هذا العصر كان العصر الأفضل الذي يمكن لنفعي أن يتخيله طول حياته. ولكن عصره الذهبي أصبح كابوسا له في نفس الوقت. سفره من قرية صغيرة إلى عاصمة الدولة، فوزه بالشهرة هناك في مدة قصيرة، علاقاته الجيدة مع السلاطين ، كل هذا سبّب ثقةً غير محدودة بنفسه، وعدم الاستقرار في شخصيته، وما مكث أن تبدل التواضع إلى تكبر وفقد الكثير من أخلاقه الحسنة . كان يشتم كل ما يشاهده أو لا يحبه من الصغير إلى الكبير و من الطفل إلى العجوز. لم يكتف بالأشخاص فقط بل شتم أعراقهم وعائلاتهم و أنسابهم. فنتيجة تصرفاته وشتائمه التي لا حد لها، عُزل عن منصبه عدة مرات. خاصة عندما عزله الجورجي محمد باشا ثلاث مرات وشكاه إلى السلطان وقال في شكايته أن قتل نفعي واجب عليه. لكن السلطان كان يسامحه كل مرة و أمر بعودته إلى وظيفته. ثم ازدادت شجاعته وجرأته و لم يتوقف عن أداء "فنه" وأكمل في نقد الجميع.
هناك روايات مختلفة عن وفاة نفعي. لكن من المؤكد انه أصبح ضحية لسانه. حسب غالبية المؤرخين تم خنق نفعي بأمر السلطان مراد بسبب هجوه للوزير بيرام باشا. كتب مئات القصائد و لُقّب بـ"شاعر القصائد". و أشهر دواوينه يدعى "سهام قضاء" الذي جمع كل أهجيته بداخله.