أساليب  الدعوة إلى الاسلام

أساليب الدعوة إلى الاسلام

أ-أوّلاً تشرفنا بك، فشكراً جزيلاُ لمحاضرتك القيّمة. هل يمكنك التحدث عن نفسك؟

ب- أنا اسمي محمود. درست في كُلِّيَّةُ الشَّرِيعَةِ وَأُصُولُ الدِّينِ في جامعة سليمان ديميريل. حصلت على درجة الماجستير في علم الكلام. أنا أخصائي الخدمات الدينية في رِئَاسَةُ الشُّؤُونِ الدِّينِيَّةِ في بنديك. وأنا منسق الشباب في مَقَام الإِفْتَاء بنديك. أنا متزوج ولديَّ طفل. والآن أعيش في إسطنبول.

أ-في البداية أريد أن أسأل: كيف ينبغي أن يكون منهجنا في التبليغ الإسلام؟

ب- أولاً يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {اُدْعُ اِلٰى سَب۪يلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّت۪ي هِيَ اَحْسَنُ اِنَّ رَبَّكَ هُوَ اَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَب۪يلِه۪ وَهُوَ اَعْلَمُ بِالْمُهْتَد۪ينَ} [سورة النحل:١٢٥].

أحد الأشياء التي نتجاهلها اجتماعياً هو كيف سيكون هذا التبليغ؟

طبعاً في وقتنا هذا الناس كلهم مُبلِّغون في قسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويحاولون القيام بذلك قدر الإمكان، طبعاً هذا خطأ كبير بالنسبة لنا، نحن نوصي أن يقوم بهذا العمل أَهْلُ العلم، لأنه ستكون مشكلة كبيرة إذا قام بهذا العمل من هم ليسوا من أهل العلم.

عند أَهْل السُّنَّةِ يجب أن يقوم بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الناس طبقة معينة، هم أهل العلم فقط.

طبعاً كما قلنا لا يجب على كل الناس أن يقوموا بهذه الوظيفة، والآن من الذين يقومون بوظيفة التبليغ؟

هم الذين يعرفون علم هذه الوظيفة، أولاً عليهم أن يعرفوا عِلْمُ النَّفْسِ، وعِلْمُ الاِجْتِمَاعِ، إضافة إلى ذلك علم الشَّرِيعَةِ، وَأُصُولُ الدِّينِ نَظَرِيًّا علي مُسْتَوًى عالٍ.

فقد يدعو أحدهم الناس للصلاة، ولكن لم نر سلوكاً واضحاً في الناس، نظريًّا هو بلغ الصلاة، ومَنْ أمامه سمعه، ولكنه لم يؤثِّر في المستمع.

ومِمَّا يَجْدُرُ بِالذِّكْرِ أَنَّ هناك مشكلة، اذاً ما المشكلة هنا؟ نحن نستخدم أصولاً غير الأصول التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخدمها في التبليغ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كل أعماله بالحكمة.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى الشباب، وكان منهم شاب اسمه أبو محذورة وكان يتلاعب بالأذان. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة: اذهب وأحضره. يذهب الصحابي ويحضره بغضب. فظن أبو محذورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيقتله، لأن التلاعب بالأذان أمر سيئ جدّاً، وعندما وصل أبو محذرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: اذهب وأقرأ الأذان مرة أخرى. تفاجئ أبو محذرة وارتاح بعد أن سمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم. فيقرأ الأذان مرة أخرى، ويدخل إلى الإسلام، ثم يكون مؤذناً من مؤذني الإسلام.

طبعاً في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يوجد عِلْمُ النَّفْسِ وعِلْمُ الاِجْتِمَاعِ. إذاً كيف يعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس هكذا بالحكمة.

نحن نفهم الحكمة في هذا الموضوع كما قال الملا حمدي يزر: الحكمة هي العمل بالعلم. يعني يقول: إذا أردت شيئاً، فعملت بالعلم فإن النتيجة ستكون مطابقة له.

علينا أن نعمل بالحكمة كما يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، وهذا هو سر التبليغ في الإسلام.

أ- وكيف نستطيع أن نتواصل مع الشباب؟

ب - أحد الوُعَّاظ قال لولده: اذهب وأعط الدرس في المسجد بدلاً عني، فعندي عمل مهم الآن. فوافق ولده، وذهب إلى المسجد، وأعطى الدرس فيه، ثم ذهب إلى والده، وقال له: أنا أعطيت الدرس، ولكن الناس ما سمعوني كما كانوا يسمعونك، ولم يتأثروا بي كما كانوا يتأثرون بك. فقال الأب: أنا أحدثهم بما حصل في حياتي، وأعيش في واقعهم وحياتهم، وآمرهم بما فعلته، وأنهاهم عما انتهيت عنه، وهكذا يجب أن تحدِّثهم.

فنحن نحدث الشباب، ولكن لا نحدثهم عن واقعنا.

نحن نقول لهم: عليكم أن تنفقوا، ولكن نحن لا ننفق. نحدثهم عن أهمية الصلاة، ولكن لا نهتم بالصلاة. فالشاب الذي يرى كل هذا هل يصدقنا؟ طبعا لن يصدق.

لذلك علينا أن نعرف احتياجاتهم ونساعدهم، وعلينا أن نسمعهم، وعلينا أن نعطيهم الأمن لكي يصدقونا، فعلينا أن نَصدُقهم، لو نفعل هذه الحقائق إن شاء الله سنتواصل معهم كما تواصل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخيراً

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا تأدبوا أولادكم بأخلاقكم، لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم.

فيجب أن يتعلم الشباب الروح الإسلامي لكي يكونوا أئمة للمسلمين. وهذا يمكن أن يكون بوجود الثقة والحب والاحترام والأخوية. ويجب أن نوقن أن هذه الوظيفة واجبة علينا، وأن نعاملهم معاملة حسنة، حتى يكونوا أئمة للأمة إن شاء الله.

في نهاية كلامي أشكر السيد المدير الأستاذ عبد العزيز دومان، وأشكر منسق اللغة العربية الأستاذ عاصم وأشكركم لمتابعتكم لمقالي هذا، ودمتم في أمان الله ورعايته.

أ- شكراً لك يا أستاذنا العزيز لإجاباتك المعبرة. وإلى للقاء.